رئيس إدارة البحوث والترجمة في مؤسسة سدرة لدمج أصحاب الهمم – ذوي الإعاقة
كان قائدًا لفريق المناهج العربية ومسؤول تطوير تعليم العربية بإحدى المؤسسات التعليمية
عمل مع مئات من المعلمين والمعلمات العرب وحصل على عضوية فخرية في لجان مختصة
بإعداد وتطوير المناهج والاعتماد الأكاديمي وقوانين التعليم الخاص بوزارة التربية والتعليم
مستشار تربوي في العديد من المدارس الهندية والدولية
أول غير عربي مرخص بتعليم اللغة العربية في بلد عربي
صاحب الكلمات الخالدة – بإذن الله: اكسر عظامي ولا تكسر المنصوب
و لئن تشتمني بالفصحى أحب إليّ من أن تمدحني بالعامية أو بغيرها
وقولك: إني أغار على العربية أكثر مما يغار الرجل على زوجته
إنه لمن دواعي سروري وفخري أن أتحاور معكم سيدي فلكم جزيل الشكر على التكرم بالقبول
عُرفت بعشق الضاد، هكذا عرفناك، ويا له من عشق – صدقت فيه فصدقك وصرت معلماً لأبنائها – نسأل الله لكم جزيل الثواب
بدأت قصة الحب تلك عندما كنتَ في العاشرة، حيث صادفتِ العربيةُ قلبَك الخالي فتمكّنتْ وصرت تحدّث بها نفسك ومن حولك وإن كانوا غير واعين لما تقول
أبو صالح أنيس لقمان الندوي
⸮كيف تمكّنت من قلبك فأخلصت لها إلى هذه الدرجة
أعتقد أنني أخلصت لحبي العربية ولم أخن عهدي بها مذ هي تمكنت من فؤادي الخالي وصرت مشغوفاً بتعلمها فهي كانت ولا زالت عندي بمثابة الحبيب الأول الذي قال عنه الشاعر
نقلْ فؤادكَ حيثُ شئتَ من الهوى
ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأولِ
كمْ منزل في الأرضِ يألفه الفتى
وحنينُه أبداً لأولِ منزلِ
ومما يدل على ذلك أنني هجرت خلال الأعوام 1985-1990 القراءة والكتابة والتحدث بلغة الأردو وهي لغتي الأم حتى في وسطي العائلي والمجتمعي بحيث كنت أثناء المحادثات اليومية أترجم كلام أي شخص في ذهني إلى العربية أولاً ثم أرد عليه بالعربية وأترجم له في الوقت نفسه إلى الأردو أو الإنجليزية أو الهندية! وبالطبع لم يكن الطريق إلى وصال الحبيبة الغالية أو امتلاك ناصية اللغة العربية سهلاً فقد عانيت لأجلها وفي سبيلها متاعب نفسية ومصاعب عملية جمة بسبب فقر أهلي من جهة وقلة الدعم المعنوي من محيطي الاجتماعي والمدرسي وندرة الكتب العربية الراقية والوسائل التعليمية وعدم جاذبية ولا فاعلية أساليب التدريس التقليدية السائدة آنئذٍ في الكتاتيب والمدارس الدينية في ربوع الهند من جهة أخرى
كيف طورت تحصيلك اللغوي
⸮في ظل غياب المناهج المتطورة والانغماس اللغوي
كما يقول المثل السائر: الحاجة أم الاختراع، فقد اخترعت أساليب عملية عديدة لسد كل خلل في طريقي و/ أو إزالة كل عقبة في مختلف مراحل رحلتي نحو إثراء حصيلتي في اللغة العربية وإتقان مهاراتها وذلك بتكثيف ومضاعفة وتنويع استخدام ما هو متاح من كتب ومصادر التعلم والتعليم وعلى رأسها القرآن الكريم.. وحيث إنه لا يمكن في هذا الحوار القصير الحديث بإسهاب عن تجاربي المبتكرة والمتنوعة سواء في مجال التعلم الذاتي للغة أو تعليمها لآخرين؛ فإني أكتفي هنا بمثال واحد على كيفية استخدام القرآن الكريم كمصدر إثرائي للحصيلة اللغوية وتنمية مهارات القراءة والمحادثة والكتابة بالعربية، وهي تتلخص فيما يلي
تخليت عن طريقة الكتاتيب التقليدية المألوفة لتلاوة القرآن الكريم حيث يلتزم التالي فيها بنوع من التنغيم الصوتي المرتل (سواء بمراعاة أحكام التجويد أو بدونها) بالإضافة إلى تحريك رأسه والشق الأعلى من بدنه باستمرار.. فقد اكتشفت أن هذه العادة للتلاوة أصبحت- ولو من غير وعي ولا قصد- عقبة في إدراك معاني القرآن الكريم إذ يتركز اهتمام التالي على تحسين الصوت وتجويد النغم أكثر من إدراك المعنى وأما حركة الرأس والبدن المصاحبة فهي على عفويتها قد تساعد في حفظ الكلمات وليس في فهم واستيعاب معانيها
وعليه قررت أن أقرأ القرآن كلمةً كلمةً أو جملةً جملةً بنبرة عالية محاولاً قدر المستطاع تجسيد نوع الكلمة/ الجملة (الاستفهام/التعجب/النداء/التحذير ..الخ..) بإيقاع جرس الصوت بدلاً من التركيز على أحكام التجويد من الغنة والمدة والإشباع والإدغام ونحوها
على سبيل المثال، عندما كنت أقرأ نصوصاً حوارية وما أكثرها في قصص القرآن وفيها تبادل أسئلة وأجوبة بين طرفين (بين الله والملائكة والشيطان وبين الأنبياء وأممهم ولا سيما فرعون وموسى وغير ذلك) فكأني أنا أحكي القصة فأتقمص شخوصها لتمثيل كل الأدوار بنفسي أو أطرح السؤال وأجيب عنه أمام أطفال صغار فلا أمل من التكرار بهدف إجادة النطق باللفظ العربي وتحسين الطلاقة في القراءة…وأظن أن هذه الممارسة كانت بالنسبة إلي بمثابة نوع من الانغماس اللغوي على مستوى فردي إن صح التعبير! وكانت النتيجة أنني بدأت بعد فترة أستخدم التراكيب والتعابير والجمل القرآنية بشكل عفوي وبشيء من التصرف حسب مقتضى الحال في شتى مواقف الحياة اليومية…فإذا وقع بصري –مثلاً- على شخص يحمل بيده شيئاً خاطبته قائلاً: وما تلك بيمينك أو يسارك يا فلان؟ أو رأيت غداءً أو عشاءً يوضع على المائدة فينطلق لساني تلقائياً يقول: يا بشرى هذا طعام! وهلم جرًا
وفي أثناء هذه القراءة اليومية لمدة ساعة أو أكثر على هذا النحو في قصة أو سورة من سور القرآن الطوال، كنت أستخرج ما بين 10-20 كلمةً أو عبارةً أو جملةً بنية استخدامها في حواراتي اليومية مع نفسي ومع غيري وذلك طبعاً بعد الاطلاع على معانيها اللغوية عن طريق المعجم أو المصحف المترجم إلى الأردو أو الفارسية أو الإنجليزية أو الهندية
وبناءً على هذه التجربة للتعلم الذاتي طورت منهجاً لتعليم اللغة العربية معظم مفرداته وتراكيبه مستقاة من القرآن الكريم…وهو يتمحور في المرحلة الأولى حول تنمية مهارة المحادثة لتكون العربية هي أداة التخاطب مع الطلاب والتدريس في كافة المراحل
ما هي نقطة الانطلاق الحقيقية
⸮في طريق تحصيلك الطلاقة اللغوية
هي القراءة الجهرية المستمرة للقرآن الكريم كما وصفت أعلاه ولأي مادة مقروءة مع التركيز على أمرين: فهم المقروء ثم تعمد البحث عن مواقف أو حتى اختلاق مواقف لاستخدام معظم ما أقرأ من المفردات والتراكيب الجديدة يومياً
تقتصر معظم دورات ومناهج العربية على الكتب دون
توفر مواد سمعية تلائم مستويات الطلاب المبتدئين
والمتوسطين، كيف تفاديتم هذا العائق
⸮مع وجودكم في الهند
بالطبع، عدم توافر المواد السمعية الملائمة لمختلف مراحل التعلم أخر تقدمي في التحصيل إلى عقد ونيف من الزمان ولكنه لم يعقه أو يجعله مستحيلاً… ولو كانت تلك المواد السمعبصرية متوفرة عندي في زمن الدراسة لتجسد حلمي بإتقان العربية في فترة مبكرة جدًا وربما تمكنت بها أيضاً من تخريج أجيال من طلابي الهنود وهم يتكلمون الضاد بمثل طلاقتي أو أكثر
⸮هل معشوقتك صعبة المنال كما يروَّج لها
كلا…اللغة العربية ليست صعبة ولا سهلة ومثل تعلمها كمثل تعلم أي لغة من لغات البشر بل اكتساب أي مهارة من مهارات الحياة…إن الرغبة الجادة في التعلم وحدها كفيلة بتذليل كل عقبات الطريق وتمكين الشخص من دفع الثمن المطلوب ألا وهو تركيز الاهتمام ، وبذل الوقت والجهد بانتظام ثم التمرّن والممارسة باستمرار …وبإمكان أي إنسان أن يتعلم اللغة العربية أو غيرها كما تعلم المشي على قدميه أو سوق الدراجة أو قيادة السيارة ..الخ…ومن يستصعب شيئاً فإنما هو يعلن عن عدم امتلاكه رغبةً جادةً فيه ليس إلا
قدّمت إثباتاً فعليّاً أن الوصول للطلاقة
⸮ليس مستحيلاً، ما هي نصيحتكم لطلابها
اقرأ بنهم ولا تمل.. واحرص على الفهم ولا تكل.. ثم طبق ما تقرأ بشغف ولا تبال بأخطاء قد تقع فيها أو بسخرية من حولك.. وأعني بالتطبيق هنا طبعاً هو استخدام أنواع الجمل والعبارات والتراكيب والتعبيرات الجديدة في مختلف مواقف الحياة اليومية الحقيقة أو المفتعلة
مشروع ورشة العربية جهد رائد وموفق بإذن الله في مجال تيسير وتحبيب تعلم الضاد إلى أبنائها وغيرهم فمحتواه بالفعل شائق وممتع روعي فيه التدرج ونفسيات مختلف الفئات العمرية والخلفيات الثقافية من الجيل المعاصر فضلاً عن تصميم منهجي ينم عن وعي تام ودراية معمقة بأحدث طرق وأساليب تعليم وتعلم اللغات ..ولا يسعني إلا أن أسأل المولى الكريم أن يشد من أزر القائمين على هذا المشروع الرائد لخدمة لغة كتابه الخالد ويقر أعينهم بحسن النجاح ويجزل لهم الأجر في الدنيا والآخرة
شكرًا جزيلاً أستاذنا الغالي نسأل الله أن ينفع بكم ويرفع قدركم عنده وبين خلقه